سورة الزمر - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)}
قرئ: {كاشفاتٌ ضرَّه} و {ممسكاتٌ رحمتَه} بالتنوين على الأصل، وبالإضافة للتخفيف.
فإن قلت: لم فرض المسألة في نفسه دونهم؟ قلت: لأنهم خوّفوه معرّة الأوثان وتخبيلها، فأمر بأن يقرّرهم أوّلاً بأن خالق العالم هو الله وحده. ثم يقول لهم بعد التقرير: فإذا أرادني خالق العالم الذي أقررتم به بضرّ من مرض أو فقر أو غير ذلك من النوازل. أو برحمة من صحة أو غنى أو نحوهما. هل هؤلاء اللاتي خوّفتموني إياهن كاشفات عني ضرّه أو ممسكات رحمته، حتى إذا ألقمهم الحجر وقطعهم حتى لا يحيروا ببنت شفه قال: {حَسْبِىَ الله} كافياً لمعرّة أوثانكم {عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون} وفيه تهكم. ويروى أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سألهم فسكتوا، فنزل {قُلْ حَسْبِىَ الله} فإن قلت: لم قيل: كاشفات، وممسكات، على التأنيث بعد قوله تعالى: (ويخوفونك بالذين من دونه)؟ قلت: أنثهن وكن إناثاً وهن اللات والعزّى ومناة، قال الله تعالى: {أَفَرَءيْتُمُ اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الانثى} [النجم: 19- 21] ليضعفها ويعجزها زيادة تضعيف وتعجيز عما طالبهم به من كشف الضرّ وإمساك الرحمة؛ لأنّ الأنوثة من باب اللين والرخاوة، كما أنّ الذكورة من باب الشدّة والصلابة، كأنه قال: الأناث اللاتي هن اللاّت والعزّى ومناة أضعف مما تدعون لهنّ وأعجز. وفيه تهكم أيضاً.


{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40)}
{على مَكَانَتِكُمْ} على حالكم التي أنتم عليها وجهتكم من العداوة التي تمكنتم منها. والمكانة بمعنى المكان. فاستعيرت عن العين للمعنى كما يستعار هنا. وحيث- للزمان، وهما للمكان.
فإن قلت: حق الكلام: فإني عامل على مكانتي، فلم حذف؟ قلت: للاختصار، ولما فيه من زيادة الوعيد، والإيذان بأنّ حاله لا تقف، وتزداد كل يوم قوّة وشدّة، لأنّ الله ناصره ومعينه ومظهره على الدين كله. ألا ترى إلى قوله: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ} كيف توعدهم بكونه منصوراً عليهم غالباً عليهم في الدنيا والآخرة، لأنهم إذا أتاهم الخزي والعذاب فذاك عزّه وغلبته، من حيث إن الغلبة تتم له بعز عزيز من أوليائه، وبذل ذليل من أعدائه {يُخْزِيهِ} مثل مقيم في وقوعه صفة للعذاب، أي: عذاب مخزٍ له، وهويوم بدر، وعذاب دائم وهو عذاب النار. وقرئ: {مكاناتكم}.


{إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)}
{لِلنَّاسِ} لأجلهم ولأجل حاجتهم إليه؛ ليبشروا وينذروا، فتقوى دواعيهم إلى اختيار الطاعة على المعصية. ولا حاجة إلى ذلك فأنا الغني، فمن اختار الهدي فقد نفع نفسه، ومن اختار الضلالة فقد ضرّها. وما وكلت عليهم لتجبرهم على الهدى، فإنّ التكليف مبني على الاختيار دون الإجبار.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11